د. بدوى حسن
يعد الوقف أحد الجوانب الإنسانية الخيرية للإسلام، لهذا فقد حثت الشريعة الإسلامية على نظام الوقف في العديد من نصوصها التي تشجع على ذلك فنجد الله تعالى يقول في كتابه العزيز {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}([1])
كما
روى عن النبي صلى الله وسلم أنه قال "إِذَا
مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو
لَهُ"([2])
وقد نمى وأزدهر نظام الوقف طوال التاريخ
الإسلامي على مر العصور منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي ظل حكم الدولة
الإسلامية ثم خفت نوره في معظم بلاد المسلمين أبان فترة الاحتلال في العصر الحديث ،
ثم بدأ بالتجديد والازدهار مرة أخرى مع مطلع القرن العشرين.
ولقد كان لأموال الوقف دور كبير في تحقيق النهضة العلمية والحضارية
الاقتصادية في المجتمعات والدول الإسلامية، إذ أن الوقف يُعد مثال للتكافل
الاجتماعي في الإسلام وصورة من صور التواصل الاقتصادي بين الأجيال، وممولاً
رئيسياً للقطاعات التعلمية والصحية والاجتماعية والثقافية في المجتمع.
وقد قام الفقهاءُ بعد ذلك بتفصيل معالم «البيئة
التشريعية» للأوقاف، وعلاقة تشريع الصدقة الجارية بغيره من التشريعات، وبخاصة
تشريعات الميراث، والوصية، والهبة، والزكاة، وأنواع مختلفة من الضرائب والرسوم
الأميرية.
ومن ثَمَّ؛ لم
يكن غريباً أن يكون بابُ الوقف هو أول باب من أبواب الفقه يستقل بكتبٍ خاصة به في
تاريخ نشأة التدوين الفقهي وتطوره
ونظراً لأهمية أموال الوقف فقد اهتمت الدول والحكومات بإصدار التشريعات
والقوانين التي تضمن المحافظة على أموال الوقف واستثمارها بأفضل الطرق، إلا أننا
نجد كثيراً من الأوقاف لم تزل تعاني من مشكلات لم تحل.
نجد كثيراً من أعيان الأوقاف
وممتلكاتها تبقي مجمدة لم تلق عناية تستحقها بل تكون في كثير من الأحيان تكلفة
إدارتها ونفقات رعايتها أعلى من مواردها وبحيث تصبح الأوقاف عبئاً على الدولة
بدلاً من أن تكون عوناً لها.
هذا وقد أصدر المشرع المصري العديد من القوانين واللوائح التي تهدف إلى
تنظيم إدارة واستثمار أموال الأوقاف في مصر ويتم ذلك من خلال هيئة الأوقاف والتي
تتولى إدارة واستثمار الأوقاف نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف
الخيرية، وبما يكفل إدارة واستثمار تلك الأوقاف على أسس اقتصادية تحقق تنمية
الأوقاف و تحقق أعلى عائد اقتصادي ممكن منها، وبما يحقق التنمية الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية في الدولة.