نبذة عن الشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ المَنَّانِ، ذِيْ الطَّولِ وَالفَضْلِ وَالإِحْسَانِ، الَّذي هَدَانَا لِلإِيمَانِ، وَفَضَّلَ دِينَنَا عَلَى سَائِرِ الأَدْيَانِ، وَمَنَّ عَلَينَا بِإِرْسَالِهِ إِلَيْنَا أَكْرَمَ خَلْقِهِ عَلَيْهِ وَأَفْضَلَهُمْ لَدَيْهِ، حَبِيبَهُ وَخَلِيلَهُ وَعَبْدَهُ وَرَسُولَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَمَحَا بِهِ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ، وَأَكْرَمَهُ صلى الله عليه وسلم بِالقُرْآنِ المُعْجِزَةِ المُسْتَمِرَّةِ عَلَى تَعَاقُبِ الأَزْمَانِ الَّتِي تَحَدَّى بِهَا الإِنْسَ وَالجَانَّ بِأَجْمَعِهِمْ، وَأَفْحَمَ بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ الزَّيغِ وَالطُّغْيَانِ، وَجَعَلَهُ رَبِيعًا لِقُلُوبِ أَهْلِ البَصَائِرِ وَالعِرْفَانِ فَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ وَتَغَايُرِ الأَحْيَانِ، وَيَسَّرَهُ لِلْذِّكْرِ حَتَّى اسْتَظْهَرَهُ صِغَارُ الوِلْدَانِ، وَوَفَّقَ لِلاعْتِنَاءِ بِعُلُومِهِ مَنِ اصْطَفَاهُ مِنْ أَهْلِ الحِذْقِ وَالإِتْقَانِ، فَجَمَعُوا فِيهَا مِنْ كُلِّ فَنٍّ ما تَنْشَرِحُ لَهُ صُدُورُ أَهْلِ الإِيقَانِ.

أَحْمَدُهُ عَلَى ذَلِكَ وَغَيرِهِ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي لا تُحْصَى خُصُوصًا عَلَى نِعْمَةِ الإِيمَانِ، وَأَسْأَلُهُ الْمِنَّةَ عَلَيَّ وَعَلَى جَمِيعِ أَحْبَابِي وَعَلَى سَائِرِ المُسْلِمِينَ بِالرِّضْوَانِ، وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مُحَصِّلَةً لِلْغُفْرَانِ مُنْقِذَةً صَاحِبَهَا مِنَ النِّيرَانِ، مُوصِلَةً لَهُ إِلَى سُكْنَى الجِنَانِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الدَّاعِي إِلَى الإِيمَانِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَعَظَّمَ مَا تَعَاقَبَ الجَدِيدَانِ، ثم أمَّا بَعْدُ؛

أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن الكريم وتجويده فقال تعالى: "وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً" (المزمل:4)، وهذا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم وكذلك للمؤمنين من بعده، جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية: "أي اِقْرَأْهُ عَلَى تَمَهُّل فَإِنَّهُ يَكُون عَوْنًا عَلَى فَهْم الْقُرْآن وَتَدَبُّره وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَأ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ". وسئل علي بن أبي طالب عن هذه الآية، فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. وقال ابن عباس: أي بينه تبييناً. وقال مجاهد: أي ترسل فيه ترسلاً.

 وأثنى الله عز وجل على من يجود قراءته ويحسن تلاوته، فقال تعالى: " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ " (البقرة:121). فحق على كل امرئ مسلم أن يقرأ القرآن وأن يرتله كمال ترتيله ويُجوده على أفضل حال؛ بحيث يُخرج كل حرف من مخرجه ويُعطيه حقه ومستحقه من الصفات.

وإن من أهم الأمور التي تُعين على ترتيل القرآن الكريم تعلم أحكام التجويد، وقد كتب الكثير من أهل العلم كتباً وشروحاتٍ في بيان أحكام هذا العلم وتفصيلاته، كما ونظم بعض علمائنا الأجلاّء قصائد شعرية احتوت على بيان أحكام التجويد، ومنها: تحفة الأطفال للشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله.

وبناءً على إيعاز من شيخي الفاضل (أبي إبراهيم حاتم بن علي بن كامل الشوبكي) حفظه الله ورعاه وأطال عمره وأحسن عمله، شرعت بإعداد شرح يسير لمتن تحفة الأطفال في ضوء رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، أسميته: "أَيْسَر المقال في شرح تحفة الأطفال"، وذلك بعد اطلاعي على ما جاء عن أهل العلم من ضبطٍ لألفاظ هذا المتن، واطلاعي على معظم ما كُتب من شروحات وتفصيلات لهذا المتن من قِبل من سبقنا من أهل العلم جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وقبل البدء في شرح أبيات النظم تحدثت عن ناظمه الشيخ الجمزوري رحمه الله بنبذة يسيرة، سائلاً الله عز وجل الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعله هذا العمل المتواضع في ميزان حسناتنا وحسنات مشايخنا، وأن يكون علماً يُنتفع به بإذن الله تعالى.

 

نبذة عن الشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله

اسمه ومولده:

هو سُلَيمَانَ بنِ حُسَينِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَلَبِيٍّ الْجَمْزُورِيِّ الشَّهِيرِ بِالأَفَنْدِيِّ، وسمي بالجمزوري نسبة إلى جمزور وهي بلد قريبة من (طندتا المسماة اليوم طنطا) على بعد 4 أميال، وهى بلدة أبيه في إقليم المنوفية بجمهورية مصر العربية، وهو من علماء القرن الثاني عشر الهجري، ولد في ربيع الأول سنة بضع وستين بعد المائة والألف هجري.

شيوخه:

كان الشيخ الجمزوري رحمه الله شافعى المذهب، تلقي العلم على مشايخ كثيرين، أشهرهم:

1-              الشيخ/ نورُ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ حَمَد بنِ عُمَرَ بنِ نَاجِي بنِ فنيْشٍ المشهور بالميهيُّ نسبة إلى الميه وهى بلدة بجوار شبين الكوم بإقليم المنوفية بجمهورية مصر العربية (المولود سنة 1139هـ والمتوفى سنة 1204هـ)، اشتغل بالعلم مدة بالجامع الأزهر ثم رحل إلى طندتا (المسماة اليوم طنطا) وصار يعلم الناس بها القراءات والتجويد، وعليه أخذ الجمزوري رحمه الله هذا العلم.

2-              الشيخ/ مجاهد الأحمدي واسمه محمد أبو النجا اشتهر بلقب "سيدي مجاهد"، وهو من علماء القرن الثاني عشر الهجري، ومن أوائل شيوخ المعهد الأحمدي الأزهري، وهو الذي لقب الجمزوري بالأفندي، وهي كلمة تركية يشار بها للتعظيم والإجلال.

أشهر مؤلفاته:

1.   نظم تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن:

وهي عبارة عن نظم (أبيات شعرية) مكونة من (61) بيت، بين فيها الشيخ الجمزوري رحمه الله بعض أحكام التلاوة والتجويد التي تعلمها من شيخه نور الدين الميهي رحمه الله، وهي: أحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام المين والنون المشددتين، وأحكام الميم الساكنة، وأحكام المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين، وأحكام لام التعريف ولام الفعل، وأحكام المدود، وفرغ من نظمها سنة 1198هــ.

2.   فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال:

وهو كتاب مختصر شرح فيه الشيخ الجمزوري بنفسه متن تحفة الأطفال، ذكر في بدايته أنه اتخذ شرح ولد شيخه/ محمد الميهي في كتابه (فتح الملك المتعال في شرح تحفة الأطفال) أصلاً لشرحه هذا، كما أنه كثيراً ما يحيل إليه لمزيدٍ من الفائدة.

3.   نظم كنز المعاني بتحرير حرز الأماني.

4.   الفتح الرحماني بشرح كنز المعاني في القراءات السبع.

5.   منظومة في رواية الإمام ورش.

6.   جامع المسرة في شواهد الشاطبية والدرة.

7 - الدر المنظوم في عذر المأموم.

8 - الطراز المرقوم بشرح الدر المنظوم.

وفاته:

لا يُعرف بالتحديد وقت وفاته، وآخر ما عُرف أنه كان حياً سنة 1208هـ، وهي السنة التي أتم فيها كتاب "الفتح الرحماني بشرح كنز المعاني في القراءات السبع "، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

تعليقات