مهارات مخاطبة الجماهير3
وهذه المرحلة التالية لاختيار الموضوع ,وجمع المعلومات والبيانات اختيار الوقت المناسب للإعداد
وبعدها يبدأ الخطيب أو المحاضر الى المرحلة الرابعاً الا وهى
بناء هيكل الخطبة :
يقوم هيكل الخطبة _ عادة _ على ثلاثة
أجزاء وهي :
أ-
الاستهلال
أو المقدمة .
ب- المقصد أو الموضوع .
ت- الخاتمة .
أولاً : الاستهلال أو المقدمة :
لابد لكل موضوع من مقدمة
"لماذا"؟
- لأن المقدمة تنبه الغافل ليفتح
بصره وبصيرته إلى ما سوف يطرح من قضايا .
- ولأنها ترغب المستمع وتشوقه
لمتابعة الحديث .
- ولأنها تعد الذهب للاقتناع
والإذعان .
- ولأنها تضم الفكرة المركزية ,
وتلخص النقاط الرئيسة .
ولكي تقوم المقدمة بوظيفتها لابد أن
تكون :
- مشرقة الأسلوب لتستوقف بجمالها
جمهورك فلا ينصرف عنك .
- مركزة ؛ فالمقدمات الطويلة تشتت
الذهن .
- مشوقة , بمعنى أن تتضمن قصة موجزة
, أو تساؤلاً , أ, مثلاً , أو بيتاً من الشعر , أو قسماً أو تحذيراً .
ولابد أن تُستهل الخطبة بحمد الله
وتمجيده والثناء عليه , فقد قال r : " كل كلام لا يُبدأ فيه بالحمد لله فه أجذم " رواه
أبو داود عن أبي هريرة .
قال الجاحظ في البيان والتبيين : "
إن خطباء السلف الطيب , وأهل البيان من التابعين بإحسان , ما زالوا يسمون الخطبة
التي لم يبتدأ صاحبها بالتحميد , ويستفتح كلامة بالتمجيد : " البتراء "
, ويسمون التي لم توشح بالقرآن وتزين بالصلاة على النبي r : " الشوهاء " .
ولابد من رابطة بين المقدمة والموضوع _
وهذه إحدى سمات الخطيب الناجح والمؤثر _ كما يقول عبد الله بن المقفع : " وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك , كما أن خير أبيات الشعر البيت الذي إذا سمعت صدره عرفت قافيته " ويعلق الجاحظ عليه بقوله : " كأنه يقول : فرق بين صدر خطبة النكاح , وبين صدر خطبة العيد , وخطبة الصلح ,وخطبة المواهب , حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه , فإنه لا خير في كلام لا يدل على معناك , ولا يشير إلى مغزاك , وإلى العمود الذي إليه قصدت والغرض الذي إليه عمدت " .
ولو نظرنا إلى القرآن الكريم , وافتتاحات
صورة من الحروف المقطعات , والتحميدات , والنداءات من مثل قوله تعالى : " يا
أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم " الحج 1 .
فإن هذه البدايات توقظ السامعين إلى
الإصغاء , كما تثير عندهم عنصر الإثارة والتشويق وفي حديث الرسول r صور من التنبيه والتشويق يراد بها إثارة الأشواق لدى المستمع
ليستوعب الموعظة فلا ينساها أبداً ومن ذلك : النداء الهادئ المترفق الذي يستحضر
عقل المستمع ومن ذلك : التعليم عن طريق الحوار بين الخطيب والمستمعين ففي ذلك :
أعمال للفكر , وتنشيط للذهن .. وهكذا .. ولك _ أخي الخطيب _ أن تقف على بعض
أحاديثه r
لترى كيف كان يثير انتباه الناس إليه فيقبلون إليه جميعاً , مثل سؤاله ذات يوم
أصحابه : " أتدرون من المفلس ؟ " , وفي خطبة الوداع يبادرهم السؤال
" أي يوم هذا ؟ أي شهر هذا ؟ أي بلد هذا ؟ " .
والسؤال في المقدمة شيء مهم ففيه إحساس
للمستمع بأن الخطيب يحترمه إذ يشركه معه في القول , فتتولد الثقة المتبادلة
وبالتالي يصل المتحدث إلى ما يريد , بعكس ما إذا حاول الخطيب أن يفرض رأيه ويعلو
بفكرته في ما يشبه التسلط وعندئذ لا يكسب مودة المستمع وتنقطع بينهما حبال المودة
, فلا تتم الإستماله وتفشل التجربة .