الصفات جمع
صفة، والصفة: هي كيفية تثبت للحرف عند النطق به فتميزه عن غيره من الحروف. ومن
فوائد صفات الحروف تمييز الحروف المشتركة في المخرج، ومعرفة الحروف القوية من
الحروف الضعيفة، وتحسين النطق بالحروف المختلفة في المخارج.
وتنقسم صفات الحروف إلى قسمين:
1- صفات
ذاتية: وهي الصفات الملازمة للحرف، بمعنى أنها لا تفارقه أبداً كالهمس والشدة
والاستعلاء وغيرها. والصفات الذاتية وفقاً لقول الجمهور وهو ما اختاره الإمام ابن
الجزري في منظومته ثمان عشرة صفة، يذكر بعض شراح المقدمة الجزرية أن رأي الجمهور
الذي رجحه الإمام ابن الجزري في عدد صفات الحروف هو أنها سبع عشرة صفة، ذلك أنهم
يجعلون الصفات التي لها ضد عشرة، فيقولون أن من صفات الحروف التي لها ضد الرخاوة
وضدها الشدة والتوسط معاً أي يجعلونهم صفتين، ونحن نخالف ذلك؛ فالشدة عكس الرخاوة،
أما التوسط فهي صفة بينية بين الشدة والرخاوة، فهذه ثلاثة صفات وليست صفتين، وعليه
تكون الصفات التي لها ضد إحدى عشرة صفة وليست عشرة.
وتقسم إلى قسمين:
أ- صفات لها ضد: وعدها
إحدى عشر صفة، وهي: الجهر وضده الهمس، والرخاوة وضده الشدة وضده الشدة وبينهما
التوسط (ويسمى بالبينية)، والاستفال وضده الاستعلاء، والانفتاح وضده الإطباق،
والإصمات وضده الإطباق.
ب - صفات ليس لها ضد: وعددها سبع صفات، وهي: الصفير،واللين، والانحراف، والتكرير، والتفشي، والاستطالة والقلقلة،يرى عض العلماء:أن القلقلة ليست من الصفات الذاتية وإنما هي من الصفات العرضية؛ إذ إن الصفات الذاتية هي الصفات الملازمة للحرف بحيث لا تنفك عنه أبداً، والقلقلة لا تكون إلا في الحرف الساكن على حد قوله، بمعنى حروف القلقلة إذا جاءت متحركة فلا يكون فيها قلقلة، فكيف يُمكن القول بأن القلقلة من الصفات الذاتية؟! .
2- صفات عرضية:
وهي الصفات التي تلحق الحرف أحياناً وتفارقه أحياناً أخرى، كالتفخيم والترقيق
بالنسبة للراء ولام لفظ الجلالة.
20)
صِفَاتُهَا جَهْرٌ وَرِخْوٌ مُسْتَفِلْ مُنْفَتِحٌ مُصْمَتَةٌ وَالضِّدَّ قُلْ
يذكر الناظم في هذا البيت والثلاثة أبيات
التي تليه صفات الحروف التي لها ضد، وهي كما ذكرنا سالفاً: الجهر وضده الهمس،
والرخاوة وضده الشدة وبينهما التوسط، والاستفال وضده الاستعلاء، والانفتاح وضده
الإطباق، والإصمات وضده الإطباق.
21)
مَهْمُوسُهَا فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ شَدِيْدُهَا لَفْظُ أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ
(مَهْمُوسُهَا فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَتْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة الهمس، وهي: خفاء الحرف لضعفه، وجريان النفس عند النطق بالحرف لضعف
الاعتماد على مخرجه، وحروفه عشرة جمعها الناظم في عبارة: (فحثه شخص سكت).
وضد صفة
الهمس صفة الجهر، والجهر هو ظهور الحرف لقوته، وانحباس النفس عند النطق بالحرف
لقوة الاعتماد على مخرجه، وحروفه باقي حروف الهجاء بعد حروف الهمس.
(شَدِيْدُهَا لَفْظُ أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة الشدة، وهي: انحباس جريان الصوت عند النطق بالحرف؛ لقوة الاعتماد
على مخرجه، وحروف الشدة ثمانية جمعها الناظم في عبارة:
(أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ).
22)
وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشّدِيدِ لِنْ عُمَرْ وَسَبْعُ عُلْوٍ خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ حَصَرْ
(وَبَيْنَ رِخْوٍ وَالشّدِيدِ لِنْ عُمَرْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة التوسط (وتسمى بالبينية)، وهي صفة متوسطة بين الشدة والرخاوة، وتعرف
بأنها: اعتدال صوت الحرف عند النطق به؛ لعدم انحباس جريانه كما في صفة الشدة،
ولعدم كمال جريانه كما في صفة الرخاوة، وحروف خمسة جمعها الناظم في عبارة: (لن
عمر).
وبقي
الحديث هنا عن صفة الرخاوة، وهي: لين الحرف وجريان الصوت عند النطق به؛ لضعف
الاعتماد على مخرجه، وحروف الرخاوة باقي حروف الهجاء بعد حروف الشدة والتوسط.
(وَسَبْعُ عُلْوٍ خُصَّ ضَغْطٍ قِظْ حَصَرْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة الاستعلاء، وهي: ارتفاع أقصى اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق
بالحرف، وحروف الاستعلاء حصرها الناظم في عبارة (خص ضغط قظ).
وضد صفة
الاستعلاء صفة الاستفال، وهي: انخفاض أقصى اللسان عن الحنك الأعلى إلى قاع الفم عند
النطق بالحرف، وحروف الاستفال باقي حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء.
فائدة: حروف
الاستعلاء تفخم دائماً، بينما حروف الاستفال ترقق دائماً إلا الألف واللام في لفظ
الجلالة والراء، فهذه الحروف الثلاثة يمكن أن تفخم أو ترقق بحسب الحالة، وسيأتي
بيانها.
23)
وَصَادُ ضَادٌ طَاءُ ظَاءٌ مُطْبَقَهْ وَفَرَّ مِنْ لُبِّ الحُرُوفُ المُذْلَقَهْ
(وَصَادُ ضَادٌ طَاءُ ظَاءٌ مُطْبَقَهْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة الإطباق، وهي: التصاق طائفة من اللسان بالحنك الأعلى عند النطق
بالحرف، فينحصر الصوت بينهما، وحروف الإطباق أربعة وهي كما ذكرها الناظم: (الصاد
والضاد والطاء والظاء).
وضد صفة
الإطباق صفة الانفتاح، وهي: افتراق اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف، فلا
ينحصر الصوت بينهما، وحروف الانفتاح باقي حروف الهجاء بعد حروف الإطباق.
(وَفِرَّ مِنْ لُبِّ الحُرُوفُ المُذْلَقَهْ): وهنا يتحدث
الناظم عن صفة الإذلاق، وهي: خفة الحرف وسرعة النطق به لخروجه من ذلق اللسان أي
طرفه أو من إحدى الشفتين أو منهما معاً، وحروف الإذلاق ستة جمعها الناظم في عبارة:
(فر من لب).
وضد صفة
الإذلاق صفة الإصمات، وهي: ثقل الحرف وعدم سرعة النطق به لبعد خروجه عن ذلق اللسان
(طرفه) أو الشفتين. وحروف الإصمات باقي حروف الهجاء بعد حروف الإذلاق.
فائدة: حروف
الإصمات يُمنع انفرادها في أصول الكلمات العربية الرباعية أو الخماسية لثقلها وعدم
سرعة النطق بها، فإذا انفردت أصول إحدى الكلمات الرباعية أو الخماسية بحروف
الإصمات كانت الكلمة غير عربية، مثل: (عسجد، أستاذ).
24)
صَفِيرُهَا صَادٌ وَزَايٌ سِينُ قَلْقَلَةٌ قُطْبُ جَدٍ وَاللِّينُ
25)
وَاوٌ وَيَاءٌ سُكِّنَا وَانْفَتَحَا قَبْلَهُمَا وَالانْحِرَافُ صُحَّحَا
26)
فِي اللَّامِ وَالرَّا وَبِتَكْرِيرٍ جُعِلْ وَلِلتَّفَشِّي الشِّيْنُ ضَادًا اسْتَطِلْ
وفي هذه الأبيات الثلاثة يتحدث الناظم عن الصفات التي ليس لها ضد، ونبينها
على النحو التالي:
(صَفِيرُهَا صَادٌ وَزَايٌ سِينُ): ويعرف الصفير بأنه:
صوت زائد يخرج من بين الثنايا وطرف اللسان عند النطق بأحد حروفه، وقيل: هو انحصار
الصوت بين طرف اللسان وفويق الثنايا، وحروف الصفير ثلاثة وهي كما ذكرها الناظم:
(الصاد والزاي والسين).
فائدة: تسمى حروف
الصفير بهذا الاسم؛ لأنها عند النطق بها يُسمع لها صوت يشبه صفير الطائر، فالصاد
تشبه صوت الأوز، والزاي تشبه صوت النحل، والسين تشبه صوت الجراد؛ ولذا هناك من
يعرف الصفير بأنه: خروج صوت يشبه صوت الطائر مع الحرف عند النطق به.
(قَلْقَلَةٌ قُطْبُ جَدٍ): وتعرف القلقلة بأنها: اضطراب
المخرج عند النطق بالحرف ساكناً حتى يسْمع له نبرة قويّة، وحروف القلقلة خمسة
جمعها الناظم في عبارة: (قطب جد). وسبب القلقلة: اجتماع صفتي الجهر والشدة في حروف
القلقلة فينحبس النفس وينحبس الصوت عن الجريان عند النطق بحروف القلقلة، فيلتصق
المخرج التصاقاً محكماً ولا يكاد الحرف أن يُسمع فيحتاج بيان الحرف القلقلة؛ إذ
لولاها لما تبين الحرف.
ومراتب القلقلة كما يلي:
1- قلقلة
صغرى: وتكون إذا جاء أحد حروف القلقلة ساكناً وسط الكلام سواءً كان وسط الكلمة أو
في آخره، مثل: (مقْتدراً، يطْمع، سبْحان، مجْرمون، قدْ أفلح).
2- قلقة كبرى:
وتكون إذا جاء أحد حروف القلقلة ساكناً مخففاً موقوفاً عليه، مثل: (الفلق، محيط،
الغيب، بهيج، موعود).
تنبيه: هناك من أهل العلم من يضيف للقلقلة مرتبة ثالثة، تسمى (قلقلة أكبر): وتكون إذا جاء أحد حروف القلقلة ساكناً مشدداً موقوفاً عليه، مثل: (الحقّ، وتبّ، الحجّ، أشدّ)، فالقلقلة على هذا الرأي فقط قسمين: صغرى وكبرى، ويدخل قسم القلقلة الأكبر في القلقلة الكبرى. ويستدل أصحاب هذا الرأي لقولهم بأنه عندما يقف القارئ على الحرف المقلقل المشدد يقلقل الحرف الأخير منه، أما الحرف الأول انتفت عنه القلقلة بسبب الإدغام، والحرف الأخير من المشدد مثله مثل الوقوف على الحرف الأخير المقلقل من غير المشدد.
فائدة: اختلف العلماء في كيفية النطق
بالقلقلة إلى أقوال عدة، أشهرها:
1- أنها مائلة
إلى الفتح مطلقاً، وكثير من
العلماء يرجحون هذا القول.
2- أنها مائلة
إلى حركة الحرف الذي قبلها.
3- أنها مائلة
للحركة الذي بعدها (وهذا قول ضعيف).
4- أنها ليست
مائلة للفتح ولا تابعة لما قبلها ولا لما بعدها، وإنما هي صوت مستقل بين الحركة والسكون ويُفهم ذلك
بالتلقي على شيخ متقن، وهذا ما يقول به الشيخ/ أيمن رشدي سويد وغيره، وحجته بأن
الأخذ بالأقوال الثلاثة السابقة بمثابة تبعيض للحركة وهذا الأمر يسمي عند القراء
روماً أو اختلاساً، ولم يقل أحد أن القلقلة واحدة من هذين.
(وَاللِّينُ وَاوٌ وَيَاءٌ سُكِّنَا وَانْفَتَحَا قَبْلَهُمَا): ويعرف
اللين بأنه: إخراج الحرف من مخرجه بسهولة من غير كلفة على اللسان، وحرفاه الواو
والياء الساكنين المفتوح ما قبلها، مثل: (بَيْت، قريْش، قوْم، خَوْف، فرعَوْن).
(وَالانْحِرَافُ صُحَّحَا فِي اللَّامِ وَالرَّا): ويعرف
الانحراف بأنه: ميل الحرف عن مخرجه بعد النطق به حتى يتصل بمخرج غيره، وحرفاه
اللام والراء على الصحيح، فاللام فيها انحراف إلى طرف اللسان إلى مخرج النون،
ولذلك لو لم ينتبه القارئ إلى اللام في (جعلنا) تخرج نوناً، والراء فيها انحراف
إلى ظهر اللسان وميل قليل إلى جهة اللام، ولذلك
ينطقها الألثغ لاماً.
(وَالرَّا وَبِتَكْرِيرٍ جُعِلْ): أي أن الراء جُعل لها
صفة أخرى بالإضافة إلى صفة الانحراف وهي صفة التكرير، ويعرف التكرير بأنه: ارتعاد
رأس اللسان عند النطق بحرف الراء، وهذه
الصفة تُعرف لتجتنب المبالغة فيها وإخفائها، وليس المقصود من إخفاء التكرير إعدامه
بالكلية، بل لا بد أن يرتعد اللسان ارتعادة واحدة كي لا ينحصر الصوت بين طرف
اللسان واللثة، فتكون الراء حرف من الحروف الشديدة، مع أنها من الحروف البينية
(حروف التوسط).
(وَلِلتَّفَشِّي الشِّيْنُ): ويعرف التفشي بأنه:
انتشار الريح في الفم عند النطق بحرف الشين، وحرفه كما بين الناظم حرف الشين،
وتظهر هذه الصفة بشكل واضح إذا كان حرف الشين ساكناً مثل: (مشْربهم، عشْرة).
(ضَادًا اسْتَطِلْ): وتعرف الاستطالة بأنها: امتداد الصوت من
أول إحدى حافتي اللسان أو كلتاهما إلى آخرها عند النطق بحرف الضاد، وحرفه كما بين
الناظم حرف الضاد، وتظهر الاستطالة إذا كان الحرف ساكناً أو مشدداً مثل:
(الضَّالين، يضْرب).
فوائد:
1- هناك صفات
أخرى لم يذكرها الناظم في منظومته، وهي:
أ- صفة الغنة:
وسبق تعريفها عند حديثنا عن مخرج الخيشوم.
ب- صفة
الخفاء: وهي استتار صوت الحرف عند النطق به، وحروفها أربعة، حروف المد الثلاثة
وحرف الهاء، ويجمعها كلمة (هاوي).
2- تقسم
الصفات من حيث القوة والضعف إلى:
أ- الصفات
القوية: وعدها إحدى عشرة صفة، وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والإطباق، الصفير،
والقلقلة، والانحراف، والتكرير، والتفشي، والاستطالة، والغنة.
ب- الصفات
الضعيفة: وعددها ست صفات، وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، واللين،
والخفاء.
ت- الصفات
التي لا توصف بقوة أو بضعف: وهي التوسط، والإذلاق والإصمات.
3- تقسم
الحروف من حيث القوة والضعف إلى:
أ- أقوى
الحروف: وهو حرف الطاء؛ لأن صفاته كلها قوية.
ب- الحروف
القوية: وهي الحروف التي تكون فيها صفات القوة أكثر من صفات الضعف، وهي ثمانية:
(الباء، والجيم، والدال، والراء، والصاد، والظاء، والقاف).
ت-الحروف
المتوسطة: وهي الحروف التي تساوت فيها صفات القوة وصفات الضعف، وهي خمسة: (الهمزة،
والغين، واللام، والميم، والنون).
ث-الحروف
الضعيفة: وهي الحروف التي تكون فيها صفات الضعف أكثر من صفات القوة، وهي عشرة:
(التاء، والخاء، والذال، والزاي، والسين، والشين، والعين، والكاف، والواو غير
المدية، والياء غير المدية).
ج- أضعف
الحروف: وهي الحروف التي صفاتها كلها ضعيفة، وهي سبعة: (الفاء، والثاء، والحاء،
والهاء، وحروف المد الثلاثة).