6) لِلـنُّـونِ إِنْ تَسْـكُـنْ وَلِلتَّنْـوِيـنِ = أَرْبَــعُ أَحْـكَـامٍ فَــخُــذْ تَبْيِـيـنِـي
يقول الناظم رحمه الله في هذا البيت أن أحكام النون
الساكنة والتنوين أربعة أحكام، وبيانها فيما سيأتي. ونوضح في الجدول التالي الفرق
بين النون الساكنة والتنوين:
م. |
النون الساكنة |
التنوين |
1.
|
نون ساكنة أصلية |
نون ساكنة زائدة |
2.
|
تكون في الأسماء والأفعال والحروف |
لا يكون إلا في الأسماء |
3.
|
تكون متوسطة ومتطرفة |
لا يكون إلا متطرفاً |
4.
|
تثبت لفظاً وخطاً ووصلاً ووقفاً |
يثبت لفظاً ووصلاً لا خطاً ووقفاً |
7) فَـالأَوَّلُ الإظْهَـارُ قَبْـلَ أَحْـرُفِ = لِلْحَلْـقِ سِتٌّ رُتِّبَـتْ فَلْـتَـعْـرِفِ
8) هَمْـزٌ فَهَـاءٌ ثُـمَّ عَـيْـنٌ حَــاءُ = مُهْـمَـلَـتَـانِ ثُـــمَّ غَــيْــنٌ خَـــاءُ
أي: الأول من أحكام النون الساكنة
والتنوين الإظهار، ويكون إذا جاءت النون الساكنة أو التنوين قبل أحرف الحلق الستة
المرتبة حسب مخرجها وفق الآتي: (الهمزة والهاء وتخرجان من أقصى الحلق، والعين
الحاء وتخرجان من وسط الحلق، والغين الخاء وتخرجان من أدنى الحلق).
ويُعرَّف الإظهار بأنه: إخراج
الحرف المظهر (النون الساكنة أو التنوين) من مخرجه من غير غنة ظاهرة فيه، ويسمى
إظهاراً حلقياً؛ لأن حروف الإظهار الستة تخرج من الحلق.
وسبب الإظهار: بُعد مخرج
النون عن مخرج حروف الإظهار، فالنون تخرج من طرف اللسان مع لثة الثنايا العليا
وحروف الإظهار تخرج من الحلق.
ومن أمثلة الإظهار الحلقي:
الحرف |
مع النون الساكنة في كلمة |
مع النون الساكنة في كلمتين |
مع التنوين |
الهمزة |
ينأون، ولا يوجد في القرءان
غيرها |
كلٌ ءامن |
رسولٌ أمين |
الهاء |
منهم |
من هاد |
جرفٍ هار |
العين |
أنعمت |
من عمل |
حقيقٌ على |
الحاء |
وينحتون |
من حسنة |
عليمٌ حكيم |
الغين |
فسينغضون، ولا يوجد في
القرءان غيرها |
من غل |
عفواً غفوراً |
الخاء |
والمنخنقة، ولا يوجد في
القرءان غيرها |
من خلاف |
عليمٌ خبير |
9) والثَّـانِ إِدْغَــامٌ بِسِـتَّـةٍ أَتَــتْ = فِـي يَرْمَـلُونَ عِنْدَهُـمْ قَـدْ ثَبَتَـتْ
أي: والثاني من أحكام النون
الساكنة والتنوين الإدغام، ويكون إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين أحد الحروف
الستة التي جُمعت واشتهرت في كلمة (يرملون)، ولا يكون ذلك إلا في كلمتين.
ويعرف الإدغام بأنه: إدخال
حرف ساكن (النون الساكنة أو التنوين) في حرف متحرك (أحد حروف كلمة يرملون) بحيث
يصيران حرفاً واحداً مشدداً من جنس الحرف الثاني.
وسبب الإدغام: سبب إدغام النون الساكنة أو التنوين في
النون التماثل. أما في الميم التجانس؛ لأن النون
والميم يشتركان في جميع الصفات ويختلفان في المخرج فهما من المتجانسين على رأي بعض
العلماء. وأما في باقي حروف الإدغام (ي، و، ر، ل) التقارب في المخرج والصفات بينهم
وبين النون.
10) لَكِنَّهَـا قِسْمَـانِ قِـسْـمٌ يُدْغَـمَـا= فِـيــهِ بِـغُـنَّــةٍ بِيَـنْـمُـو عُــلِـمَــا
أي: أن حروف الإدغام قسمان، قسم يجب إدغامه بغنة، وهو
أربعة حروف تُعلم من كلمة (ينمو)، ومعنى ذلك إذا جاء بعد النون الساكنة أو التنوين
أحد حروف كلمة ينمو –الياء أو النون أو الميم أو الواو- يكون الحكم الإدغام بغنة،
ولا يكون ذلك إلا في كلمتين كما سنبين في البيت التالي.
ومن أمثلة الإدغام بغنة:
الحرف |
مع النون الساكنة |
مع التنوين |
الياء |
فمن يعمل |
وبرقٌ يجعلون |
النون |
من نعمة |
أمنةً نعاساً |
الميم |
من مال |
آياتٍ مبيناتٍ |
الواو |
من وال |
غشاوةٌ ولهم |
11) إِلَّا إِذَا كَــانَا بِكِلْـمَـةٍ فَـــلا = تُدْغِـمْ كَدُنْيَـا ثُـمَّ صِنْـوَانٍ تَــلا
أما إذا جاءت النون الساكنة
أو التنوين قبل أحد حروف كلمة (ينمو) في كلمة واحدة فلا تُدغم بل يجب إظهارها، مثل
كلمة (دنيا) وكلمة (صنوان) كما بين الشيخ الجمزوري رحمه الله.
وهذا الحكم يسمى الإظهار
المطلق، وانحصر في القرآن الكريم في أربعة مواضع: (دنيا)، (قنوان)، (صنوان)،
(بنيان). وسبب الإظهار المطلق المحافظة على وضوح المعنى، فلو أدغمت النون في الياء
في كلمة دنيا لأصبحت (دُيَّا)، ولو أدغمت النون والواو في كلمة صنوان لأصبحت (صُوَّان)،
فيلتبس الأمر بين ما أصله نون مدغمة وبين ما أصله التضعيف، فتُظهر للمحافظة على
مدلول الكلمة ومعناها ولعدم الالتباس. وأُلحْق بالإظهار المطلق موضعان، وهما: (يس
والقرآن الحكيم)، و(ن والقلم وما يسطرون)، فلا تدغم نون (يس) ولا نون (ن) في الواو
التي بعدها، بل تظهر مراعاة لرواية حفص عن عاصم وغيرها، وقيل مراعاة للانفصال
الحكمي كذلك، فالنون إن اتصلت بما بعدها لفظاً في حالة الوصل، فهي منفصلة حكماً،
فـ (يس) و(ن) اسم للسورة التي بدئت على رأي بعض العلماء. ويسمى إظهاراً مطلقاً؛
لعدم تقيده بحلقي أو شفوي أو قمري.
فائدة: (طسم) فاتحة سورة
الشعراء والقصص فيها حكم الإدغام بغنة، وذلك في النون الساكنة التي في حرف سين مع
حرف الميم، مراعاة للاتصال اللفظي وفق ما جاء في رواية حفص عن عاصم.
12) وَالثَّـانِ إِدْغَــامٌ بِغَـيْـرِ غُـنَّـهْ
= "فِـي الـلاَّمِ وَالــرَّا ثُــمَّ كَـرِّرَنَّــهْ"
أي: والقسم الثاني من أقسام
الإدغام، الإدغام بغير غنة، ويكون في حرفي اللام والراء وهما الحرفان الباقيان من
كلمة (يرملون) بعد إخراج حروف الإدغام بغنة (ينمو)، وعليه إذا جاء بعد النون
الساكنة أو التنوين حرف اللام أو الراء يكون الحكم الإدغام بغير غنة.
ومن أمثلة الإدغام بغير غنة:
الحرف |
مع النون الساكنة |
مع التنوين |
الراء |
من ربهم |
ثمرةٍ رزقاً |
اللام |
من لدنه |
هدًى للمتقين |
تنبيه: لم يأتِ الإدغام
بغير غنة في القرآن الكريم كذلك إلا في كلمتين، ومعنى ذلك أن الإدغام بقسميه بغنة
وبغير غنة لا يكون إلا كلمتين.
ملاحظة: جاء في القرآن
الكريم موضع واحد جاء فيه بعد النون الساكنة حرف الراء، ومع ذلك لم يُطبق حكم
الإدغام بغير غنة، وهذا الموضع في سورة القيامة: (وقيل من راق)، وعلة ذلك
وجوب السكت ع النون، السكت يمنع الإدغام، وللعلم يعرف السكت هنا بأنه: قطع الصوت
على النون مقدراً من الزمن يسيراً مقدار حركتين دون تنفس مع مواصلة القراءة في
الحال.
أما معنى
" ثُــمَّ كَـرِّرَنَّــهْ ": قال الشَّيْخُ الجمزوري رحمه الله في كتابه
فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال: " أي أحكم بتكريره مطلقاً، لكن إذا شُدِّدَ
يجب إخفاء تكريره ".
وقال الشَّيْخُ محمد الميهي رحمه الله في كتابه فتح الملك المتعال
في شرح تحفة الأطفال: "أي احكم عليه بأنَّه حرف تكرير، لكن يجب إخفاء تكريره". معنى
ذلك أن الناظم رحمه الله يشير هنا إلى صفة من صفات حرف الراء وهي صفة التكرير، وهي
ارتعاد رأس اللسان عند النطق بحرف الراء، وهذه الصفة تُعرف لتجتنب المبالغة فيها.
ويَقصد الناظم في قوله: (ثم
كررنه): أي احكم أيها القارئ على حرف الراء أنه حرف تكرير ولكنِ اخْفي هذه الصفة،
وليس المقصود من إخفاء التكرير إعدامه بالكلية، بل لا بد أن يرتعد اللسان ارتعادة
واحدة كي لا ينحصر الصوت بين طرف اللسان واللثة، فتكون الراء حرف من الحروف
الشديدة، مع أنها من الحروف البينية.
13) وَالثَّالـثُ الإِقْـلاَبُ عِنْـدَ الْـبَـاءِ = مِـيـمًـا بِـغُـنَّـةٍ مَــعَ الإِخْــفَــاءِ
أي: القسم الثالث من أحكام
النون الساكنة والتنوين (الإقلاب)، ويكون في حرف واحد وهو الباء، وعليه إذا جاءت
النون الساكنة أو التنوين قبل حرف الباء، تقلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم
ساكنة مخفاة بغنة. ومن أمثلة الإقلاب: (الأنبياء)، (من بعد)، (سميعٌ بصير).
وسبب الإقلاب: سهولة النطق
بالنون الساكنة والتنوين بقلبهما ميماً؛ لأن الميم تشارك الباء في المخرج والنون
في الصفات، وكذلك إظهار النون الساكنة أو التنوين عند الباء فيه ثقل على اللسان، والأمر
كذلك بالنسبة للإدغام والإخفاء، فكان الإقلاب ليسره وسهولته.
14) وَالرَّابِـعُ الإِخْفَـاءُ عِنْـدَ الْفَاضِـلِ = مِـنَ الحُـرُوفِ وَاجِــبٌ لِلْفَاضِـلِ
(وَالرَّابِـعُ الإِخْفَـاءُ): أي: القسم الرابع من أحكام
النون الساكنة أو التنوين الإخفاء. (عِنْـدَ الْفَاضِـلِ مِـنَ الحُـرُوفِ): أي عند ما تبقى من الحروف بعد إخراج أحرف
الإظهار الحلقي والإدغام والإقلاب. (وَاجِــبٌ لِلْفَاضِـلِ):
أي أداء حكم الإخفاء واجبٌ لمن أصبح فاضلاً بتعلم أحكام التجويد. والفضل
هنا بمعنى: كمال يزيد به المتصف على غيره.
15)فِي خَمْسَةٍ مِنْ بَعْدِ عَشْـرٍ رَمْزُهَـا
= فِي كِلْمِ هَذَا البَيْـتِ قَـد ضَّمَّنْتُهَـا
(فِي خَمْسَةٍ مِنْ بَعْدِ عَشْـرٍ): أي حروف الإخفاء خمسة عشر حرفاً.
(رَمْزُهَـا فِي كِلْمِ هَذَا البَيْـتِ قَـد
ضَّمَّنْتُهَـا): أي أن الشيخ الجمزوري رحمه الله ضَمّن وجمع حروف الإخفاء في كلمات البيت
السادس عشر من التحفة؛ حيث إن كل كلمة من كلماته تبدأ بحرف من حروف الإخفاء.
16) صِفْ ذَا ثَنَا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَمَا دُمْ طَيِّبًا زِدْ فِي تُقًى ضَـعْ ظَـالِمَـا
كما أسلفنا أول حرف من كل كلمة من كلمات هذا البيت حرف
من حروف الإخفاء، وعليه حروف الإخفاء هي: (الصاد والذال والثاء والكاف والجيم والشين
والقاف والسين والدال والطاء والزاي والفاء والتاء والضاد والظاء).
معنى هذا البيت:
(صف ذا ثنا): أمر من الناظم بوصف شخصاً صاحب ثناء بما يستحقه من الصفات الحميدة.
(كم جاد شخص قد سما): أي كثير من الناس قد جاد وتكرم على غيره فاستحق أن يسمو
ويعلو قدره ويرتفع شأنه. (دم طيباً): أي كن طيب الأخلاق دوماً. (زد في تقى): أي
تزود من تقوى الله جل وعلا، (ضع ظالماً): أي لا تعظم الظالم ولا توقره فمثله لا
يستحق التعظيم ولا الإكبار يل هو جدير بالضعة والاحتقار
ملاحظات:
1-
يعرف الإخفاء بأنه: النطق بالحرف بصفة بين
الإظهار والإدغام عارٍ عن التشديد مع بقاء الغنة، ويتحقق إذا جاء بعد جاء بعد حرف
النون الساكنة أو التنوين أحد حروف الإخفاء الخمسة عشر المبينة سالفاً. ومن أمثلة
الإخفاء الحقيقي:
الحرف |
مع النون الساكنة في كلمة |
مع النون الساكنة في كلمتين |
مع التنوين |
الصاد |
ينصركم |
أن صدوكم |
ريحاً صرصراً |
الذال |
منذر |
من ذكر |
سراعاً ذلك |
الثاء |
منثوراً |
من ثمرة |
جميعاً ثم |
الكاف |
ينكثون |
من كل |
عاداً كفروا |
الجيم |
فأنجيناه |
إن جاءكم |
قوماً جبارين |
الحرف |
مع النون الساكنة في كلمة |
مع النون الساكنة في كلمتين |
مع التنوين |
الشين |
منشوراً |
فمن شاء |
شيءٍ شهيد |
القاف |
يُنقذون |
وإن قيل |
عليمٌ قدير |
السين |
ننسخ |
أن سيكون |
رجلاً سلماً |
الدال |
أنداداً |
ومن دخله |
قنوانٌ دانية |
الطاء |
ينطقون |
من طين |
صعيداً طيباً |
الزاي |
أنزل |
من زوال |
يومئذٍ زرقاً |
الفاء |
انفروا |
وإن فاتكم |
خالداً فيها |
التاء |
ينتهوا |
من تحتها |
جناتٍ تجري |
الضاد |
منضود |
إن ضللت |
قوماً ضالين |
الظاء |
انظروا |
من ظهير |
ظلاً ظليلاً |
2-
يسمى إخفاء حقيقياً؛ لتحقق الإخفاء فيه
أكثر من غيره، فذات النون الساكنة أو التنوين تكاد تكون معدومة، ولم يبق منها إلا
الغنة.
3-
سبب الإخفاء: أن النون الساكنة والتنوين لم
يقرب مخرجهما من مخرج حروف الإخفاء كقربه من مخرج حروف الإدغام فيدغما، و لم يبعد مخرجهما
عن مخرج هذه الأحرف كبعده عن مخرج حروف الإظهار فيظهرا، ولذا كان لهما حكماً متوسطاً
بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء.