شرح متن الجزرية (بَابُ الرَّاءَاتِ)



41) وَرَقِّقِ الرَّاءَ إِذَا مَا كُسِرَتْ     كَذَاكَ بَعْدَ الْكَسْرِ حَيْثُ سَكَنَتْ

42) إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبْلِ حَرْفِ اسْتِعْلَا     أَوْ كَانَتِ الْكَسْرَةُ لَيْسَتْ أَصْلاَ

 

(وَرَقِّقِ الرَّاءَ إِذَا مَا كُسِرَتْ): أي: ترقق الراء إذا كانت مكسورة، مثل: (رِجال)، (الرِقاب).

(كَذَاكَ بَعْدَ الْكَسْرِ حَيْثُ سَكَنَتْ إن لم تكن من قبل حرف استعلا أو كانت الكسرة ليست أصلا): أي: ترقق الرّاء كذلك إذا كانت ساكنة -سواء سكوناً أصلياً أم عارضاً للوقف- وسبقها كسر أصلي، مثل: (فِرْعون، مِرْية، منتشِرْ، لينذِرْ).

ولكن قيد الناظم ذلك بشرطين:

1-              أن لا يأتي بعدها حرف استعلاء في نفس الكلمة: فإن تبعها حرف استعلاء تُفخم شريطة أن يكون حرف الاستعلاء متصل بالراء في كلمة واحدة، وأن يكون حرف الاستعلاء مفتوحاً، وجاء ذلك في خمس كلمات في القرءان الكريم وهم: (قرطاس، فرقة، إرصاداً، مرصاداً، لبالمرصاد). فإذا كان حرف الاستعلاء في كلمة والراء في كلمة مثل: (أنذرْ قَومك، ولا تصعرْ خَدك، فاصبرْ صَبراً) تكون الراء مرققة، وإذا كان حرف الاستعلاء والراء في كلمة واحدة لكن كان حرف الاستعلاء غير مفتوح، ولم يرد ذلك في القرءان الكريم إلا في كلمة (فرق) فلا تفخم الراء على الإطلاق، ولكن فيها جواز التفخيم والترقيق كما سنبين.

2-              أن يكون الكسر الذي سبقها أصلياً وليس عارضاً لأجل التقاء الساكنين أو البدء بهمزة وصل، فإن سبقها كسر عارض تُفخم، مثل: (ارجعي، إن ارتبتم، أم ارتابوا).

ملاحظة:

إضافة للشرطين السابقين الذين ذكرهما الناظم في منظومته، يشترط أن تكون الكسرة والراء في كلمة واحدة حتى تكون الراء مرققة، فإن كانت الراء ساكنة مسبوقة بكسر أصلي مفصول عنها كانت الراء مفخمة، مثل: (الذي ارتضى)، (رب ارحمهما).

فوائد:

1-    تفخم الراء في الحالات التالية:

أ‌-    إذا كانت مفتوحة، مثل: (البرَ).

ب‌-  إذا كانت مضمومة حال وصلها أو الوقف عليها بالروم، مثل: (غفورٌ، الآخرُ).

ت‌-  إذا كانت ساكنة قبلها مفتوح أو مضموم، مثل: (يسخَر، مَريم، نُرسل، يكفُر).

ث‌-  إذا كانت ساكنة قبلها ساكن –ليس ياء- قبلها مفتوح أو مضموم، مثل: (الأَمْر، القهار، الشكور، خسر).

ج‌-  إذا كانت ساكنة يسبقها مكسور وبعدها حرف استعلاء في الكلمة نفسها، وجاء ذلك كما أسلفنا في خمس كلمات في القرآن الكريم: (قرطاس، فرقة، لبالمرصاد، إرصاداً، مرصاداً).

ح‌-  إذا كانت ساكنة يسبقها سكون أصلي منفصل عنها، مثل: (رب ارحمهما، الذي ارتضى).

خ‌-    إذا كانت ساكنة يسبقها سكون عارض، مثل: (ارجعي، إن ارتبتم، أم ارتابوا). 


2-  ترقق الراء في الحالات التالية:

أ‌-    إذا كانت مكسورة أو حال الوقف عليها بالروم، مثل: (كريم، ريح).

ب‌-  إذا كانت ساكنة يسبقها كسرة أصلية وليس بعدها حرف استعلاء، مثل: (فرعون، مرية).

ت‌-  إذا كانت ساكنة يسبقها ساكن صحيح يسبقها مكسور، مثل: (سِحْرْ، حِجْرْ، الشِعْرْ).

ث‌-  إذا كانت ساكنة يسبقها ياء مد أو ياء لين، مثل: (خبِيرْ، بصِيرْ، خَيْر، طَيْر).

ج‌-   إذا كانت ممالة، ولم ترد في رواية الإمام حفص عن عاصم إلا في كلمة (مجريها).

 

43) وَالْخُلْفُ فِي فِرْقٍ لِكَسْرٍ يُوجَدُ    وَأَخْفِ تَكْرِيْرًا إِذَا تُشَدَّدُ

(وَالْخُلْفُ فِي فِرْقٍ لِكَسْرٍ يُوجَدُ): أي أن كلمة (فرق) في قوله تعالى: ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: 63]، اختلف فيها علماء التجويد على قولين، أحدهما التفخيم والآخر الترقيق، ومن قال بالتفخيم نظر إلى أنه بعدها حرف استعلاء، ومن قال بالترقيق –وهو قول الجمهور- نظر إلى وقوعها بين كسرتين بالإضافة إلى ضعف قوة حرف الاستعلاء (القاف) الذي بعدها لكونه مكسوراً، وهذا ما قصده الناظم بقوله: (لِكَسْرٍ يُوجَدُ).

ولعلي أتفق مع الرأي الذي يقول أن كلمة (فِرْقٍ) حال وصلها بما بعدها أو الوقف عليها بالروم فيها جواز الوجهين كما أسلفنا، أما عند الوقف عليها بالسكون، فحكم الراء فيها التفخيم لا غير لزوال موجب الترقيق، وهو كسر حرف الاستعلاء (القاف)، وممن قال بهذا الرأي من المعاصرين الشيخ/ أيمن رشدي سويد حفظه الله.

ملاحظة: هناك كلمات أخرى غير كلمة (فرق) اختلف العلماء بين جواز تفخيم وترقيق الراء حال الوقف عليها، وهذ الكلمات هي: (مصر، القطر، نذر، يسر، أسر).

أما كلمتي (مصر، والقطر)، فمن فخمهما نظر إلى أنه سبقهما حرف استعلاء، ومن رققهما نظر إلى أنهما حال الوقف عليهما ساكنتين يسبقهما ساكن يسبقهما مكسور، ورجح الإمام ابن الجزري التفخيم في (مصرَ) نظراً لأنها حين الوصل مفخمة، ورجح الترقيق في (القطرِ) نظراً لأنها حين الوصل مرققة وعملاً بالأصل.

وأما كلمات (نُذُر، يَسْر، أَسْر)، فمن فخمهم نظر إلى القاعدة العامة، فالراء في (نذر) ساكنة قبلها مضموم، والراء في كلمتي (يسر، أسر) ساكنة قبلهما ساكن قبلهما مفتوح، ومن رققهم نظر إلى أصل هذه الكلمات، فأصل هذه الكلمات (نذري، يسري، أسري)، أي أن الراء فيهم مرققة، ولكن حذفت الياء تخفيفاً في (نذر، يسر)، وحذفت بناء في (أسر)، والذي يرجحه الإمام ابن الجزري الترقيق في هذه الكلمات (نذرِ، يسرِ، أسرِ) نظراً لأنها حين الوصل مرققة وعملاً بالأصل.

(وَأَخْفِ تَكْرِيْرًا إِذَا تُشَدَّدُ): تقدم الحديث عن التكرير عند حديثنا عن صفات الحروف، فصفة التكرير في الراء تُعرف ليجتنب المبالغة فيها وإخفائها سواءً كانت الراء ساكنة أم مشددة إلا أنها تكون أكثر وضوحاً في حال كونها مشددة؛ ولذا قال الناظم: (إِذَا تُشَدَّدُ).

وليس المقصود من إخفاء التكرير إعدامه بالكلية، بل لا بد أن يرتعد اللسان ارتعادة واحدة كي لا ينحصر الصوت بين طرف اللسان واللثة، فتكون الراء حرف من الحروف الشديدة، مع أنها من الحروف البينية (حروف التوسط).

 

 

تعليقات