62)
وأَظْهِرِ الغُنَّةَ مِنْ نُونٍ وَمِنْ مِيْمٍ إِذَا مَا شُدِّدَا وَأَخْفِيَنْ
63) الْمِيْمَ إِنْ تَسْكُنْ بِغُنَّةٍ لَدَى
بَاءٍ عَلَى المُخْتَارِ مِنْ أَهْلِ الأدَا
(وأَظْهِرِ الغُنَّةَ مِنْ نُونٍ وَمِنْ
مِيْمٍ إِذَا مَا شُدِّدَا): ويتحدث الناظم هنا عن حكم النون والميم المشددتين، ويأمر
الناظم هنا القارئ بإظهار غنة الميم والنون حال تشديدهما؛ مثل: (مِنَ الْجَنَّةِ
والنَّاسْ) و(الْمُزَّمِّلُ) و(ثمَّ) و (لمَّا)، ومن الجدير بالذكر أن صفة الغنة
موجودة في النون والميم الساكنتين والمشددتين، إلا أنهما في المشددتين أظهر وأوضح.
(وَأَخْفِيَنْ
الْمِيْمَ إِنْ تَسْكُنْ بِغُنَّةٍ لَدَى
بَاءٍ عَلَى المُخْتَارِ مِنْ أَهْلِ الأدَا): ويتحدث الناظم هنا عن حكم الإخفاء الشفوي، فإذا
جاء بعد الميم الساكنة حرف الباء أُخفيت الميم بغنة بمقدار حركتين على القول الذي
اختاره معظم أهل الأداء، ولا يقع الإخفاء الشفوي إلا في كلمتين، وذلك نحو: (فاحكمْ
بينهم) و(أمْ بظاهر) و(يعتصمْ بالله) و(همْ بالآخرة)، ويسمى عند القراء ب (الإخفاء
الشفوي)؛ وذلك لخروج الميم والباء من الشفتين.
64)
وَأظْهِرَنْهَا عِنْدَ بَاقِي الأَحْرُفِ وَاحْذَرْ لَدَى وَاوٍ وَفَا أنْ تَخْتَفِي
(وَأظْهِرَنْهَا عِنْدَ بَاقِي الأَحْرُفِ):
وهنا يتحدث الناظم عن حكم الإظهار الشفوي، ويكون
إذا جاءت بعد الميم الساكنة أي حرف من حروف الإظهار الشفوي، وهي البقية من الحروف
بعد أن نخرج حرفي الإخفاء والإدغام (الباء والميم)، وعليه حروف الإظهار ستة وعشرون
حرفاً، وسبب إظهار الميم الساكنة هنا؛ بعد مخرجها وصفاتها عن مخارج وصفات أكثر
حروف الإظهار. ومن أمثلة الإظهار الشفوي الكثيرة: (يمْترون)، (الظمْآن)، (كنتمْ
صادقين)، (وامْضوا)، (أمْ خلقوا)، (همْ فيها)، (عليهمْ ولا). ويسمى هذا الإظهار
شفوياً؛ لأن الميم وهي الحرف المظهر تخرج من الشفتين.
(وَاحْذَرْ لَدَى وَاوٍ وَفَا أنْ تَخْتَفِي):
أي: احذر أيها القارئ من إخفاء الميم
الساكنة قبل الفاء بسبب قربهما في المخرج مثل (همْ فيها)، واحذر من إخفاء الميم
الساكنة قبل الواو بسبب اتحادهما في المخرج مثل: (حسابهمْ وهم) و(عليهمْ ولا).
ملاحظة: لم يتحدث الناظم هنا عن حكم الإدغام الشفوي، واقتصر حديثه في هذا الباب على
حكمي الإخفاء والإظهار الشفويين، ولعله لم يذكر حكم الإدغام الشفوي هنا؛ لأنّه
داخل في موضوع إدغام المثلين (المتماثلين) الذي سبق بيانه.
ويكون الإدغام الشفوي إذا أتي بعد الميم الساكنة ميماً متحركة، نحو (لكمْ مَا)
و(كنتمْ مُؤمنين) و(أمْ مَن)، وهنا يجب الإدغام بغنة بمقدار حركتين، فينطق بالميم
الثانية مشددة. وسبب الإدغام هنا؛ التماثل بين الميم والميم، ولذا يسمى (إدغام
مثلين أو متماثلين)، ويسمى أيضاً (إدغاماً شفوياً)؛ لخروج الميم من الشفتين، ويسمى
إدغاماً صغيراً كما بينا سالفاً عند شرحنا للبيت الخمسين من هذه المنظومة.