شرح تحفة الاطفال (الخَاتِمَةُ )

 

58) وَتَـمَّ ذَا النَّـظْـمُ بِحَـمْـدِ الـلَّـهِ = عَلَـى تَـمَـامِـهِ بِـــلاَ تَـنَـاهِــي

أي: تم هذا النظم بحمد الله وشكره وثنائه على تمام هذا النظم. قوله (بلا تناهي): أي: هذا الحمد والشكر والثناء لله مستمراً دائماً أبداً إلى ما لا نهاية.

59) أَبْيَاتُـهُ نَـدٌّ بَــداَ لِــذِي النُّـهَـى = تَارِيخُهَـا بُشْـرَى لِمَـنْ يُـتْقِـنُـهَـا

(أبياته): أي: أبيات هذا النظم. (نَـدٌّ): أي: نبت طيب الرائحة. (بدا): أي: ظهر. (لذي النهى): لأصحاب العقول والأفهام النيرة. (تاريخها): أي: تاريخ كتابة هذا النظم (تحفة الأطفال). (بشرى لمن يتقنها): أي: تكون أبيات هذا النظم لمن يتقنها ويحفظها ويفهمها بشرى، أي: هناءة ومسرة.

ملاحظة هامة: رمز الناظم إلى عدد أبيات القصيدة في قوله (نَـدٌّ بَــداَ)، ورمز إلى تاريخ كتابتها في قوله (بُشْـرَى لِمَـنْ يُـتْقِـنُـهَـا). وذلك أن الحروف لها حساب في الأرقام، وذلك على النحو التالي: (أ=1، ب=2، ج=3، د=4، هـ=5، و=6، ز=7، ح=8، ط=9، ي=10، ك=20، ل=30، م=40، ن=50، س=60، ع= 70، ف=80، ص=90، ق=100، ر=200، ش=300، ت=400، ث=500، خ=600، ذ=700، ض=800، ظ=900، غ=1000).

(نَـدٌّ بَـداَ) = 50+4+2+4+1= (61) وهو عدد أبيات هذا النظم (تحفة الأطفال).

(بُشْرَى لِمَنْ يُـتْقِنُهَا): 2+300+200+10+30+40+50+10+400+100+50+5+1= (1198هـ) وهو تاريخ كتابة هذا النظم (تحفة الأطفال).

60) ثُـمَّ الصَّـلاَةُ وَالـسَّـلاَمُ أَبَــدَا = عَلَـى خِـتَـامِ الأنْبِـيَـاءِ أَحْـمَــدَا

أي الصلاة والسلام دوماً وأبداً على خاتم الأنبياء والمرسلين أحمد، وهو اسم من أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

ملاحظة: بينا سابقاً أن الصلاة من الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى الرحمة وقيل الثَّناء عليه في الملإ الأعلى أي ذكره بأوصافه الجميلة عند الملائكة المقربين، ومن الملائكة بمعنى الاستغفار له صلى الله عليه وسلم ، ومن العباد بمعنى التضرُّع والدُّعاء له صلى الله عليه وسلم.

أما السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقصد به الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بسلامته في حال حياته، وسلامة بدنه في قبره، وسلامته يوم القيامة. وقيل السَّلامَ على النبي صلى الله عليه وسلم يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّته، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين. وقال المجد الفيروزآبادي رحمه الله في كتابه (الصِّلاتُ والبُشَر في الصلاة على خير البشر) في معنى التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم : "ومعناه: السلام الذي هو اسم من أسماء الله تعالى عليك، وتأويله: لا خلوت من الخيرات والبركات وسلمت من المكاره والآفات؛ إذ كان اسم الله تعالى إنما يذكر على الأمور توقعاً لاجتماع معاني الخير والبركة فيها وانتفاء عوارض الخلل والفساد عنها، ويحتمل أن يكون السلام بمعنى السلامة، أي ليكن قضاء الله تعالى عليك السلامة، أي سلمت من الملام والنقائص، فإذا قلت: اللهم سلم على محمد، فإنما تريد منه اللهم اكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص فتزداد دعوته على ممر الأيام علواً وأمته تكثراً وذكره ارتفاعاً ".

61) وَالآلِ وَالصَّحْـبِ وَكُــلِّ تَـابِـعِ = وَكُــلِّ قَــارِئٍ وكُــلِّ سَـامِـــعِ

وكذلك يصلي الناظم (الصلاة هنا بمعنى الدعاء) على آل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق بيان المقصود بآله صلى الله عليه وسلم عند شرح البيت الثاني من هذا النظم.

ويصلي كذلك على الصحابة رضوان الله عليهم، وعلى كل من تبعهم، وعلى كل قارئ لهذا النظم وكل سامع له، وقيل: كل قارئ للقرآن الكريم وكل سامع له.


 

خاتماً :

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا هدانا الله، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد؛

تحدثت في هذه الدراسة عن شرح متن (تحفة الأطفال) للشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله من خلال بيان نبذة يسيرة عن الناظم رحمه الله، ومن ثم شرح الأبيات التي تناولت بيان معظم أحكام التجويد (أحكام النون الساكنة والتنوين، وأحكام الميم والنون المشددتين وأحكام الميم الساكنة وأحكام المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين، وأحكام لام التعريف ولام الفعل، وأحكام المدود)، وذلك في ضوء العلم الذي تلقيناه على يد مشايخنا حفظهم الله تعالى منذ الدورة التأهيلية لأحكام التجويد حتى إتمام السند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وبعد اطلاعي على مجموعة من المصادر والمراجع التي تحدثت عن شرح متن تحفة الأطفال وعن أحكام التجويد بشكل عام، وكذلك ما تناوله أهل العلم من ضبط لألفاظ هذا المتن، وما جاء في النسخ المتعددة المخطوطة للمتن من اختلاف في ضبطه، سائلاً الله تعالى أن أكون قد وفقت في شرح المتن شرحاً يسيراً، ولا أدعي لنفسي الكمال المطلق، فهذا الكمال لله وحده لا شريك له، فما كان في هذه الدراسة من توفيق وسداد وصواب فمن الله وحده، وما كان فيها من خطأ أو زلل أو نسيان فمن نفسي المقصرة والشيطان، وأستحضر في هذا المقام قول العماد الأصفهاني رحمه الله: " إني قد رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر ".

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...

تعليقات