30) إِنْ فِي الصِّفَاتِ وَالمَخَـارِجِ اتَّفَـقْ = حَـرْفَـانِ فَالْمِثْـلاَنِ فِيهِمَـا أَحَـقْ
31) وَإِنْ يَكُـونَـا مَخْـرَجًـا تَقَـارَبَـا = وَفِـي الصِّفَـاتِ اخْتَلَفَـا يُلَقَّـبَـا
32) مُتْقَارِبَـيْـنِ أَوْ يَكُـونَـا اتَّـفَـقَـا = فِي مَخْـرَجٍ دُونَ الصِّفَـاتِ حُقِّقَـا
33) بِالمُتَجَانِسَـيْـنِ ثُــمَّ إِنْ سَـكَـنْ = أَوَّلُ كُــلٍّ فَالصَّـغِـيـرَ سَـمِّـيَـنْ
34) أَوْ حُرِّكَ الحَرْفَانِ فِـي كُـلٍّ فَقُـلْ = كُـلٌّ كَبِـيـرٌ وافْهَـمَـنْـهُ بِالمُــثُـلْ
(إِنْ فِي الصِّفَاتِ وَالمَخَـارِجِ اتَّفَـقْ
حَـرْفَـانِ فَالْمِثْـلاَنِ فِيهِمَـا
أَحَـقْ): أي: إن اتفق حرفان في الصفات والمخارج كالبائين أو الميمين أو الدالين مثل
(اضرب بعصاك، لهم ما، وقد دخلوا)، فيستحقان
تسميتما بالمثلين أو المتماثلين.
ويعرف الحرفان المثلين أو المتماثلان بأنهما: الحرفان اللذان اتفقا اسماً
ورسماً ومخرجاً، إذا جاءت واوان الأولى مدية والثانية غير مدية مثل: (ءامنوا وعملوا،
اصبروا ورابطوا)، أو ياءان الأولى مدية والثانية غير مدية مثل: (الذي يوسوس)، فلا
نكون أمام حرفان مثلين أو متماثلين على رأي الإمام ابن الجزري رحمه الله وغيره؛
لاختلاف مخرجهما، فالواو المدية تخرج من الجوف وغير المدية تخرج من الشفتين،
والياء المدية تخرج من الجوف وغير المدية تخرج من وسط اللسان.
وصفةً، مثل: الباء في "اذهب
بكتابي"، والكاف في "يدرككم"، والكاف في "مناسككم"،
والميم في " الرحيم مالك"، والهاء في "وتحسبونه هيناً".
(وَإِنْ يَكُـونَـا مَخْـرَجًـا تَقَـارَبَـا
وَفِـي الصِّفَـاتِ اخْتَلَفَـا يُلَقَّـبَـا مُتْقَارِبَـيْـنِ): أي: إن تقارب الحرفان في المخرج واختلفا في
الصفات يلقبان بالمتقاربين.
ويعرف الحرفان المتقاربان بأنهما: هما الحرفان اللذان تقاربا في المخرج
والصفة مثل: النون مع اللام في (من لدنه)، والقاف مع الكاف في (خلقكم)، واللام مع
الراء في (قل رب)، والذال مع الزاي في (وإذ زين). أو هما الحرفان اللذان تقاربا في
المخرج دون الصفة مثل: الدال مع السين في (عدد سنين، قد سمع)، أو هما الحرفان اللذان
تقاربا في الصفة دون المخرج مثل: السين مع الشين في (الراس شيباً)، والتاء مع
الثاء في (بعدت ثمود)، والذال مع الجيم في (إذ جاءوكم).
(أَوْ يَكُـونَـا اتَّـفَـقَـا فِي مَخْـرَجٍ دُونَ الصِّفَـاتِ حُقِّقَـا
بِالمُتَجَانِسَـيْـنِ): أي: إن اتفق الحرفان في المخرج واختلفا في الصفات
يُسمّيا بالمتجانسين.
تصح قراءة كلمة (حققا) بفتح الحاء وكسر القاف على أنها فعل أمر هكذا:
(حَقِّقَا). قال الشَّيْخُ عليُّ بن محمَّد الضَّبَّاعُ في كتابه منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال: " حُقِّقَـا تصحُّ
قراءته بفتح الحاء على أنَّه فعلُ أمرٍ وألفه مبدلةٌ من نون التوكيد، لنية الوقف.
وبضمِّها على أنَّه ماضٍ للمجهول وألفه للتثنية عائد على الحرفين الملتقيين
".
ويعرف الحرفان المتجانسان بأنهما: هما الحرفان الذان اتحدا مخرجاً واختلفا
صفة،يَعُدُّ بعض العلماء الحرفين اللذين اتفقا صفة واختلفا مخرجاً من
المتجانسين، مثل: النون مع الميم في (من مال).
مثل: الدال مع التاء في (حصدتم)،
والثاء مع الذال في (يلهث ذلك)، والثاء مع الظاء في (إذ ظلمتم).
(ثُــمَّ إِنْ سَـكَـنْ أَوَّلُ كُــلٍّ فَالصَّـغِـيـرَ سَـمِّـيَـنْ):
أي: ثم بعد معرفة ما تقدم من الأقسام الثلاثة، إذا سكن الحرف الأول في كل من
المثلين (المتماثلين) أو المتقاربين أو المتجانسين فَسَمِّه صغيراً أي متماثلان
صغير أو متقاربان صغير أو متجانسان صغير. وسمي صغيراً؛ لأنه لا يحتاج عند إدغامه
إلا لخطوة واحدة، وهي إدغام الحرف الأول في الثاني.
وسنبين حكم كل من المثلين والمتقاربين والمتجانسين الصغير مع ذكر الأمثلة،
وذلك على النحو التالي:
1-
حكم المثلين أو المتماثلين الصغير: الإدغام
مثل: (يدركْكُم، اذهبْ بِكتابي، يوجهْهُ، اضربْ بِعصاك)، إلا في موضع واحد، الهاء
في (ماليه، هلك) إذا قُرأت بوجه الوقف أو الوصل مع السكت. وذلك كون السكتة على هاء
(ماليه) سكتة جائزة وليست واجبة، فيقرأ هذا الموضع بثلاث أوجه: الأول:
الوقف على (ماليه) مع التنفس ثم نكمل. الثاني: الوصل مع السكت بحيث نسكت
سكتة لطيفة بمقدار حركتين على (ماليه) دون تنفس ثم نكمل. الثالث: الوصل مع
إدغام هاء (ماليه) في هاء (هلك) بحيث يكون الحكم إدغام مثلين أو متماثلين صغير.
2-
حكم المتقاربين الصغير: الإظهار مثل: (قدْ
سَمع، إذْ جَاءوكم، كذبتْ ثَمود)، إلا في مواضع مخصوصة يكون حكمهما الإدغام، وهي:
الأول: اللام مع الراء مثل: (قلْ رَب)، (بلْ رَبكم)، ويستثنى من ذلك (بل ران)
لوجود السكت كما أسلفنا عند الحديث عن أحكام لام الفعل.
الثاني: القاف مع الكاف في قوله تعالى: (ألم نخلقْكُم من ماء مهين)، فتقرأ بوجهين: الإدغام
الكامل فتقرأ (نخلكُّم) وهو الأَولى والأشهر والمقدم في الأداء، أو الإدغام
الناقص فتقرأ (نخلقْكُم) بإدغام القاف في الكاف ذاتاً مع بقاء صفة الاستعلاء
في القاف وتشدد الكاف تشديداً ناقصاً.
الثالث: إدغام النون الساكنة في الياء والواو والراء واللام، مثل: (منْ يَعمل، منْ
وَال، منْ رَبهم، منْ لَدنه).
الرابع: إدغام لام التعريف (لام أل) في (حروف اللام الشمسية باستثناء اللام) وهي:
الطاء والثاء والصاد والراء والتاء والضاد والذال والنون والدال والسين والظاء
والزاي والشين، مثل: (الطامة، الثمرات، الصراط، الرحمن، التكاثر، الضالين،
الذاكرين، الناس، الدين، السماء، الظالمين، الزيتون، الشمس).
3-
حكم المتجانسين الصغير: الإظهار مثل:
(فاصفحْ عَنهم) إلا في مواضع مخصوصة يكون حكمهما الإدغام، وهي:
الأول: الدال مع التاء نحو: (قدْ تَبين، حصدْتُم، تواعدْتُم).
الثاني: التاء مع الدال نحو: (أثقلتْ دعوا، أجيبتْ دعوتكما)، ولا يوجد غير هذين الموضعين في القرآن.
الثالث: التاء مع الطاء نحو: (فآمنتْ طَائفة، همتْ طَائفتان).
الرابع: الذال مع الظاء نحو: (إذْ ظَلمتم، إذْ ظَلمتم)، ولا يوجد غير هذين الموضعين
في القرآن.
الخامس: الثاء مع الذال نحو: (يلهثْ ذَلك)، ولا يوجد غير هذا الموضع في القرآن.
والمواضع الخمسة السابقة فيها حرفان متجانسان حكمهما الإدغام الكامل بغير
غنة.
السادس: الباء مع الميم نحو: (اركبْ معنا، ولا يوجد غير هذا الموضع في القرآن،
وهنا الحرفان المتجانسان حكمهما الإدغام الكامل بغنة.
السابع: الطاء مع التاء، فإذا وقعت الطاء الساكنة قبل التاء المتحركة، أدغمت الطاء
في التاء إدغامًا ناقصاً يبقى معه إطباق الطاء واستعلاؤها من غير قلقة؛ لقوة الطاء
وضعف التاء، وجاء ذلك في القرآن في أربع مواضع لا خامس لها وهي: (أحطْتُ، بسطْتَ،
فرطْتُم، فرطْتُ)، فالحرفان المتجانسان هنا حكمهما الإدغام الناقص بدون غنة.
(أَوْ حُرِّكَ الحَرْفَانِ فِـي كُـلٍّ فَقُـلْ
كُـلٌّ كَبِـيـرٌ وافْهَـمَـنْـهُ بِالمُــثُـلْ): أي: إن كان الحرفان في كل من المثلين
(المتماثلين) أو المتقاربين أو المتجانسين متحركين فَسَمِّه كبيراً أي متماثلان
كبير أو متقاربان كبير أو متجانسان كبير. وسُمي كبيراً؛ لأنه يحتاج عند إدغامه إلى
خطوتين الأولى تسكين الحرف الأول والثانية إدغام الأول في الثاني. وقوله (وافْهَمَنْـهُ بِالمُثُلْ): أي افهم ذلك كله
بالأمثلة.
وسنبين حكم كل من المثلين والمتقاربين والمتجانسين الكبير مع ذكر الأمثلة،
وذلك على النحو التالي:
1-
حكم المثلين أو المتماثلين الكبير: الإظهار
مثل: (مناسكَكَم، الرحيمِ مَالك، فيهِ هُدى)، إلا في موضعين يكون حكمهما الإدغام،
وهي:
الأول: النون في كلمة "تَأْمَنَّا" من قوله تعالى: "قالُوا يا
أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ" (يوسف:11)، فأصلها (تأمنُنَا) وفي قراءتها وجهان:
الوجه الأول: الإدغام مع الإشمام، وكيفيته ضم الشفتين عند النطق بالنون
الأولى إشارة إلى أنها مضمومة قبل الإدغام، وضم الشفتين إنما يكون في الحركة
الأولى من الغنة في النون المشددة.
الوجه الثاني: الإظهار مع الرَّوْم، وكيفيته النطق بنونين الأولى مضمومة
ويؤتي بها بثلثي الضمة والثاني مفتوحة. ولا يضبط ذلك كله إلا بالمشافهة. ويعبر بعض
أهل العلم عن هذا الوجه بــ (بالاختلاس) ويعبر عنه غيرهم بــ (الإخفاء)، ومنهم
الإمام الشاطبي.
الثاني: النون في كلمة "مَكَّنِّي" من قوله تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنِّي
فِيهِ رَبِّي}(الكهف:95)، فأصلها "مكنني" بنونين، لكنها تقرأ برواية حفص عن عاصم بإدغام النون
الأولى في الثانية أي بنون واحدة مشددة "مَكَّنِّي".
2-
حكم المتقاربين الكبير: الإظهار مثل: (عددَ
سَنين، خلقَكُم، قالَ رَبي، العرشِ سَبيلاً).
4-
حكم المتجانسين الكبير: الإظهار مثل: (الصالحاتِ
طُوبى، بعدَ تَوكيدها، يعذبُ مَن).
تنبيهات:
بقي أن نشير إلى أمرين فيما يتعلق بأحكام المتماثلين
والمتقاربين والمتجانسين، وهما:
1-
بالإضافة إلى قسمي (الصغير والكبير) اللذين
ذكرهما الناظم في منظومته لكل من المتماثلين والمتقاربين والمتجانسين، هناك نوع
ثالث لم يذكره الناظم وهو (المطلق)،و نظم الشيخ/
عَبْدُ السَّاتِرِ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ الْكَمْشِيْشِيُّ الْمِصْرِيُّ بيتاً بعد
البيت الرابع والثلاثين من التحفة ذكر فيه حكم المطلق، وقال فيه: " أَوْ
حُرِّكَ الْأَوَّلُ وَ الثَّانِيْ سَكَنْ *** فَذَاكَ مُطْلَقٌ كَيَغْضُضْنَ افْهَمَنْ ".
2-
: وهو أن يكون الحرف الأول متحركاً
والثاني ساكناً، وسمي مطلقًا لعدم تقيده بصغير ولا كبير، وحكمه الإظهار مطلقاً، ومن
أمثلته في المتماثلين: ("تَتْرا"، "شقَقْنا")، ومن أمثلته في
المتقاربين: (الهمزة مع الحاء في "أَحْمل"، والياء مع الضاد في "يُضْلل")،
ومن أمثلته في المتجانسين: (التاء مع الطاء في "أفتَطْمعون"، والياء مع
الشين في "يَشْكر").
3-
بالإضافة إلى أنواع المتماثلين والمتقاربين
والمتجانسين هناك نوع رابع لم يذكره الناظم، وكذلك لم يتطرق إليه بعض الباحثين في
علم التجويد، وهو (المتباعدان)، ذكر العلامة
السمنودي رحمه الله نوع "المتباعدان" في نظم لآلئ البيان في تجويد
القرآن بقوله: " ومتباعدان حيث مخرجا *** تباعدا والخلف في الصفات جا "،
وقال الشيخ/ وهبة سرور المحلى رحمه الله في انشراح الصدور في تجويد كلام الغفور:
" وإن يكونا مَخْرجاً
تَبَاعَدَا *** وفي
الصفات اخْتَلَفا مُبَاعدا ". وقال الشيخ عثمان بن سليمان مراد رحمه الله في السلسبيل
الشافي في علم التجويد: "ومتباعدان إن تباعدا *** في مخرج والوصف لم
يتحدا".
4-
: وهما الحرفان اللذان تباعدا مخرجًا
واختلفا صفة، وأقسامه هي:
أ-
الصغير: أن يأتي الأول ساكناً والثاني
متحركاً، وهذا النوع حكمه الإظهار، مثل: (الهمزة مع اللام في "تأْلَمون،
والحاء مع الميم في "تحْمَلونَ"، والتاء مع العين في "تليتْ
عَليهم")، إلا في موضع واحد حكمه الإخفاء، وهو في النون الساكنة مع القاف أو
الكاف مثل: "منْ قَبل" "منْكُم".
ب-
الكبير: أن يأتي الحرفان متحركين، وهذا
النوع حكمه الإظهار مثل: (القاف مع الراء في "قُرِئ"، والكاف مع الراء
في "فاكِهُون").
ت-
المطلق: أن يأتي الأول متحركاً والثاني
ساكناً، وهذا النوع حكمه الإظهار، مثل: (القاف مع الواو في "قَوْله"،
والهاء مع الثاء في "يلهَثْ").